الحركة الإسلامية في فلسطين
إن تسارع الأحداث منذ أكثر من خمس سنوات وكثرة السفهاء المغرضين , يضعنا في موقف المتسائل عن بعض مواقف الحركة, وحقيقة الحصار على غزة, وأنه لم يأت مجرد نتيجة لـ -سيطرة- حماس على قطاع غزة, بل لأنه تطهر من كل يد تطعن المجاهدين في الظهر.
وفي ظل هذه الحيثيات؛ كان لزاماً على الشباب المسلم في مسجد الزهراء أن يقول كلمته, وكان حرياً بكم أن تسمعوا:
**************************************************
لقد شكل الصمت التآمري من رؤوس العرب ,والذي وصل في بعض الأحيان إلى التشجيع وتعداه إلى الدعم اللوجستي والإستراتيجي ,شكل بما لا يدع مجالاً للشك, أن الأحزاب قد التأمت على حرب المسلمين, وتآلفت على كل ما يساعدهم في ضرب معاقل الجهاد في العالم, وهذا التحالف –والذي يضم في ثناياه من يمكن أن نظنهم رفاقاً في الدرب- هو الدليل القاطع أن وقت المهادنة بين الإسلام والجاهلية قد ولى بلا رجعة, وأصبح من الماضي أن يداهن الشعب المسلم طواغيت الحكم في بلاد الإسلام.
(تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ([1]).
ونحن نعلم أن الدعوات لا تنتصر إلا بعد بذل أقصى جهد في مواجهة القوة الكاملة لأعدائها, فلم يحدث الهبوط المطرد في قوة قريش وجبروتها على جزيرة العرب إلا بعد أن تحزبت على حرب الإسلام في المدينة([2] ), ورجعت تجر أذيال الخيبة,لذا فإن الحديث عن تعبئة شباب الحركة باتجاه فكرة الخلافة الإسلامية أصبح واقعاً ملموساً ممكنَ التنفيذ.
الأخوة الكرام :
لقد آن أن يعلم كل العالم أن الشعب المسلم في فلسطين قد آلى على نفسه أن يحطم مخاوفه ومضي في درب التحرير, حتى حوصرت جبهة الممانعة الإسلامية من الأخوة الأعداء و ممن يدعو نفسه نصيراً للقضية وهم أدوات قمع للأمة الإسلامية ([3]), وكذلك إسرائيل التي قامت بالقرصنة البحرية على سفينة مساعدات إنسانية ,ومعها شيطانه العالم الكبرى ووصيفاتها من أصحاب المناجل والفؤوس ,والعباءة والعقال , وذوي الكرش الكبير والبذلة الفارهة والذين يشكلون في مجملهم ثورة الجاهلية ضد نظام الإسلام.
إن أساطيل الحرية تبقى سخيفة لو كان المقصود منها مجرد معونات, إن هذا الحصار هو حصار للكلمة وتهميش للقضية ليصبح حصار غزة أمراً عادياً , لهذا فالسفن هي رسالة تنبيه للضمير المسلم,بأن هذه إهانة للمسلمين أن يمتزج الصمت المطبق مع الضعف المتفشي في نفوس المسلمين .
الأخوان المسلمون:
لن تفتأ الماسونية العالمية تخدر الأمة باحتجاجات واستنكار ومظاهرات تطوق برجال الأمن تغفو وتذهب أصداء الرياح في واد قفر بعد ساعات.
لذا فإن واجب المسلمين اليوم هو إيقاظ الهمة في نفوسهم أفراداً وجماعات فكما كان لذلك العدوان السياسي أثره في تنبيه المشاعر القومية , كان لهذا الطغيان الاجتماعي أثره في انتعاش الفكرة الإسلامية , فارتفعت الأصوات من كل مكان تطالب بالرجوع إلى الإسلام و تفهم أحكامه و تطبيق نظامه , و لابد أن يأتي قريبا ذلك اليوم الذي تندك فيه صروح هذه المدنية المادية على رؤوس أهلها , و حينئذ يشعرون بسعير الجوع الروحي تشتعل به قلوبهم و أرواحهم و لا يجدون الغذاء و الشفاء و الدواء إلا في تعاليم هذا الكتاب الكريم([4]).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ , قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ([5]).
وشكلت غزة بما تمثله من بؤرة القضية والمسجدُ الأقصى المحور الأساس الذي يرتكز عليه نظام الإسلام اليوم , لذا كان يجب على الجاهليين أن يثوروا ضد هذا الفكر الوافد إليهم من بلاد الشام ووادي النيل وبلاد الرافدين قبل أن يجعلهم مثلاً من الماضي.
إنها غزة رمز العزة و الرايخ الرابع يجمع حوله المسلمين من كل أقطار العالم, بل وحتى أحرار العالم الأول
إنها غزة رمز ٌ لكل صاحب رأي , وشعارٌ لكل برنامج رفض لقوى الاستكبار العالمي.
إن غزة اليوم هي قطب العالم الأوحد ,و هي مركز الصراع الكوني اليوم بين تمام الحق وتمام الباطل ,وقبلة المظلومين في العالم تنير لهم أنفاق الظلم والقهر إلى نور العدل والسلام.
غزة تقف وحدها ضد تيار التصهين العربي ونفوذ المسا ونية ؛ولهذا كله استحقت غزة عن جدارة أن تكون قلب الرايخ الرابع الذي نقل عدوى الجهاد لكل بقاع العالم ,وأصبح منارة ترنوا لها أساطيل ا لتحرير .
لا تظنوا أن هذه ثورة عاطفة وقذائف كلام, بل هي حقيقة تاريخية, فلقد علم الجميع أن العقد الأول من عمر جهاد الحركة الإسلامية في فلسطين, كان عقد البدء والحشد وأخذ زمام المبادرة, والثاني كان عقد التطوير والتحسين, وبات العدو الصهيوني يخسر في كل يوم نقاط النصر لصالح المقاومة الفلسطينية, وأضحى على شفا جرف هار من السقوط في مستنقعات عنجهيته, فلقد خسر تقدمَه التقني في مواجهة الإبداع القسامي, وأصبح في موقف المدافع, ولم يعد يخفى على عين ذلك الصعود المطرد في الثاني والهبوط السريع في منحنى قوة الأول, وأصبح من المعلوم بالبداهة أن العقد القادم سيكون عشرية الحسم في المواجهة([6]).
ومن المعروف أن بيت المقدس هو عاصمة الخلافة التي ستقوم على منهاج النبوة , وأنها "ستقوم خلال الأعوام القادمة, حيث أنه إذا استمرت الصحوة الإسلامية بنفس الوتيرة فستقوم الخلافة الإسلامية في الفترة ما بين 2025-2030" ([7]).
***************************************************
إن ما سبق ليضعنا أمام الأسئلة التي يطرحها كل غيور على فكرتنا :
1. هل هذا كله في حسابات الحركة الإسلامية اليوم؟
2. وإن كان كذلك فما هي استعدادات شباب الحركة الإسلامية من النواحي التعبوية(إيمانياً وفكرياً وعسكرياً)؟
3. هل يقع فكر الأعداء من صهاينة وماسون وعلمانيين في حيز اهتمام المؤسسات المختصة ة بالتوعية الفكرية داخل الحركة الإسلامية؟
4. مع إشراقة كل يوم,هل يتحول المطلوب من المجاهدين المسلمين من الصمود, وعرقلة السرطان المادي في بلاد الإسلام: إلى تحقيق انتصار حاسم على الصهيونية, أم أن الانتصار عليها لن يكون إلا بتحقيق انتصار مماثل على الفكر الماسوني والجاهلية داخل كل بيت في المسلمين, وتحطيم عراها في العالم, أم أن الخلافة لا تقوم إلا بتحرير فلسطين؟
5. هل يجب على الجماعة الإسلامية أن تنفق الوقت والجهد في الصراع الفكري الذي يحاول بعض المدعين جر شبابها إليه من خلال اتهام الإخوان المسلمين "بأنهم حركة تضليل للأمة في مرحلة ما بعد العلمانية والشيوعية واستغلال العاطفة الدينية في الشعوب المسلمة لصالح العدو الغربي"([8]).
وأخيراً فأنا أطلب -بشدة- أن يتم توضيح الإجابات بتفصيلها لدرء الشبهات التي تعتمل في صدور بعض المتحمسين من أبناء جماعتنا الغراء..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو إياد المهاجر
باساييف جرينوف
[1] (القصص:83)
[2] حقيقة تاريخية: فلم تغز قريش بعد معركة الخندق ديار الإسلام في المدينة قط.
[3] التحالف الغادر (التعاملات السرية بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) لـ(تريتا بارسي)
[4] رسائل الإمام حسن البنا,رسالة(بين الأمس واليوم)
[5] (يونس:57-58)
[6] أحد منشورات المكتب الإعلامي لكتائب الشهيد عز الدين القسام بمناسبة الانطلاقة العشرون لحركة حماس.
[7] أحد خطابات جورج بوش الأب في ألمانيا بعيد انتهاء حرب العراق الأولى عام 1992.
[8] منشورات حزب التحرير في الفترة بين 2005-2008.